الاتضاع ( اساس البركات الروحيه والارتفاع الروحى )


الاتضاع


ما تعريف الاتضاع؟
1)هي حياة يحياها الانسان بين نفسه وبين الله فيها يشعر بأنه عدم ولاشئ بل اقل من لاشئ وان كل مافيه من حسن وخير هو من الله وانه بدونه تراب وظلمة وشر.
2)هي حياة عميقة بين النفس والله لاتهدأ ولاتنتهي عند حد يظل الانسان يجاهد فيها حتى يتحرر من سجن الجسد وقيود الخطية الخادعة.
3)الاتضاع هو الطريق الوحيد للحصول على نعمة الله الغامرة الدافعة من اجل غلبة العالم الشرير والنمو في النعمة ومعرفة المسيح والاتحاد به.
*صفات الشخص المتضع:-
فضيلة التواضع تجر ورائها عدد من الخصال الحميدة والصفات الحسنة الطيبة مثل (الانسحاق – التخشع – التذلل الانكسار – طول الاناة – الصبر والاحتمال – الشفقة – التوبة – الهدوء – الابتهاج – الحذر – عدم التكاسل – قلة المعارضة)
ان الاتضاع حقيقة هو شئ عظيم لان كل صلاح ينمو ويتقدم فينا هو عن طريق الاتضاع وعن طريق الاتضاع نصل بسرعة الى هدفنا .... دعنا نسلك في الاتضاع وسوف نخلص في مدة قصيرة واذا كنا لانستطيع ان نحتمل الجهاد لفترة طويلة بسبب ضعفنا ليتنا نؤسس ذواتنا على الاتضاع وانا اثق في العمل الروحي البسيط حين نمارسه باتضاع فإنه سيوصلنا.
*انواع الاتضاع:-
يوجد نوعان من التواضع كما يوجد نوعان من الكبرياء
النوع الاول من الكبرياء ..:-
هو احتقار الانسان لاخيه واعتباره انه اقل منه ودونه شأنا بينما يعتبر نفسه اعلى منه شأنا . هذا الانسان مالم يقدم توبة سريعة ويهتم بخلاص نفسه سريعا فإنه يأتي الى النوع الثاني من الكبرياء.
النوع الثاني من الكبرياء:-
هو ان الشخص يرفع نفسه فوق الله وينسب ما يصنعه من خير وصلاح نابع من نفسه وليس لله.
اما الكبرياء بسبب حياة النسك .. فهو حين ينمو الانسان في السهر والصوم ولكن بلاجدوى ولكن هناك الطريق الصحيح في النمو وهو النمو في الاتضاع ليحصل الانسان على المجد الحقيقي الالهي
النوع الاول من الاتضاع
هو ان نعتبر اخواتنا اكثر حكمة من انفسنا وفي كل امر يعتبر الاخرين احسن منا واعلى من انفسنا.
النوع الثاني من التواضع:-
هو ان ننسب لله كل اعمال الفضيلة التي نعملها وهذا هو كمال الاتضاع الذي سلك فيه القديسين وهو يوجد تلقائيا في حياتهم عن طريق ممارسة الوصايا.
حين يتضع الانسان :-
يضع نفسه تحت الكل فهو لن يلوم او يحتقر اي احد واذا صلى من اجل كل الاشياء فهو سينسب كل شئ لله  فالانسان المتواضع يعلم انه ليس فيه اي صلاح ولايمكن ان يصنع اي شئ جيد بدونه ودون معونته وارشاده فهو لايكف عن الصلاة حتى يعطيه الله نعمة وهذا يجعله في احساس بالاحتياج الدائم لله لذا فانه ينمو ويتقدم روحيا لانه لن ينتفخ قط ولن يتكل على امكانياته البشرية بل ينسب كل شئ صالح يعمله لله فهو دائما يقدم الشكر لله وباستمرار يطلب معونة الله بانسحاق حتى لايتخلى عنه وهو يقدم الاخرين على نفسه حتى لو كانوا اقل منه.

القديسون اكتسبوا الاتضاع من :-
اكمال الوصايا فلا يستطيع احد ان يشرح كيفية اكتساب الاتضاع لان الاتضاع يكتسب في الممارسة والسلوك ولايمكن ان يتعلمه الانسان من الوعظ الشفهي.
قال مار افرام السرياني :-
"من يشاء ان ينقل صخرة من موضعها يضع رفعة تحتها لافوقها وحينئذ يدحرجها بسهولة فهذا هو نموذج الاتضاع"
قال مار اسحق:-
"ليس من يذكر زلاته وخطاياه لكي يتواضع يسمى متواضع وان يكن ذلك حسن جدا الا انه يدنو فقط من التواضع ويحاول ان يصل اليه اما المتواضع الحقيقي فلا يحتاج الى ان يقنع ذاته او يغصب فكره للشعور بالتواضع او خلق اسباب بل قد صار طبيعيا عنده."
قال القديس يوحنا
"ليس من يذم ذاته ويلومها هو المتضع لانه من ذا الذي لايستطيع ان يحتمل نفسه وانما المتضع بالحقيقة هو الذي يحتمل تعيير ومذمة غيره ولاينقص محبته له"
كل من يقاتل في الحرب الداخلية يحتاج في كل لحظة الى الاتضاع فالتواضع مطلب اساسي لان الانسان المتكبر يغلق الباب امام نفسه مرة واحدة الى النهاية.
واذا هاجمتك تجربة فلاينبغي ان تعتبرها مادة للفحص او التأمل اذ انك بذلك تدنس قلبك وتضيع وقتك وهذا يكون انتصار للعدو وبدلا من ذلك وبدون تاخير اتجه بكل قلبك الى الرب وقل له "ارحمني يارب فأني خاطئ" وبقدر ماتسرع بسحب افكارك من التجربة بقدر ذلك تأتيك المعونة بسرعة.
لاتثق بنفسك او ترتكن عليها ولاتضع قرار وعزم صالح وتفكر هكذا "اه نعم انني ساتمم كل شئ حسنا " لاتثق ابدا في قوتك الذاتية ومقدرتك على مقاومة التجربة من اي نوع كانت بل فكر على العكس هكذا "انا متاكد انني ساسقط بمجرد ان تهاجمني التجربة ولكن حتما سانتصر بقوة رب الجنود"
ماذا يفعل الاتضاع؟
1)يرد الانسان الى رتبته الاولى
كانت سقطة الانسان الاولى هي الكبرياء فلاعجب اذا كان الاتضاع يرده الى رتبته الاولى قبل السقوط . بالكبرياء سقط الانسان وسقطت هيبته وفقد سلطانه على ذاته وعلى كافة الخليقة التي خلقت لاجله ليتسلط هو عليها
(تك 1 : 28) وبالاتضاع ينهض الانسان ويسترد هيبته ويستعيد سلطانه على ذاته وعلى كل خليقة.
2)به تقهر الشياطين
  وهذه نتيجة طبيعية فالشيطان المتكبر الذي الذي سقط من رتبته بسبب الكبرياء لايمكن ان يرعب انسان متضع و حينما نشهر في وجهه سلاح الاتضاع لا يسعه الا ان يولي الاعتبار في خزي و عار
3)يحفظ نعمة الله في الانسان
الاتضاع خير حافظ لنعمة الله في الانسان انه الجو الصالح الذي يحفظ النعمة حيه تعمل فينا كما ان الرماد يحفظ حراره الفحم المتقد و يخفيه عن الانظار حتي يبدو للناظر اليه انه مطفئ فعلي هذا النحو يحفظ الاتضاع حرارتنا الروحيه و يخفي فضائلنا فتحفظ فالانسان الذي يشهر فضيلته يقصد الزهور و المباهاة يعدمها و يفقدها
4)يرفع المتواضعين
لقد رفع الاتضاع داود الفتي الصغير و ملكه علي اسرائيل كم من قديسين اتي بهم الاتضاع من زوايا النسيان و رفعهم الي كرسي المجد

5)يثمر فرحا و سلاما قلبيا
من ثمار الاتضاع الراحه النفسيه و السلام القلبي و الفرح الذي لا ينطق به فقال الرب يسوع "تعلموا مني لاني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحه لنفوسكم" (مت11 : 29) ان القلق و الاضطراب يعمل في قلوب المتكبرين و الغيظ ياكل قلوبهم
6)يعطي الصبر و الاحتمال
الانسان المتكبر دائم الشكوي متبرم من الحياه و علي العكس من ذلك المتواضع الذي يعرف نقائصه و يصبر علي ما ياتي عليه من البلايا و ينسب الللوم علي نفسه في كل شئ
7)يرفع غضب الله و يعطي اجابه للصلاه
ليس اقوي من وصيه الرب نفسه التي اعطاها لسليمان (فاذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم و صلوا و طلبوا وجهي و رجعوا عن طرقهم الرديه فاني اسمع من السماء و اغفر خطيتهم و ابرئ ارضهم)
كيف نقتني الاتضاع ؟
هناك اناس متضعون بطبيعتهم و من هؤلاء من ولدوا بسطاء فمن شان البساطه ان تقوي الاتضاع و هناك اناس اقتنوا الاتضاع عن طريق الجهات الروحي و ممارسه التدريبات الروحية علي اي الاحوال يسطيع كل انسان ان يكون متضع ان هو سلك الطريق الذي يقود اليه و نحن لا ننكر انه طريق صعب بل هو عين الطريق الكرب ذي الباب الضيق الذي يدخل منه القليل و لكن تعزيتنا انه يوصل الي المدينة العظيمه اورشليم السمائية التي هرب منها الحزن والكأبة والتنهد
*بعض الامور التي تعيننا على اقتناء الفضيلة
1)التطلع الدائم الى اتضاع مخلصنا
   "ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع" (عب 12 : 2)
   "تعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم " (مت 11 : 29)
2)معرفة الانسان ذاته
 ان الذي جذب القديسين الى حياة انكار الذات لم يكن جمال الاتضاع كفضيلة مقدسة فحسب بل ايضا اكتشافهم لحقيقة انفسهم في نور الله فهباء الغبار في الحجرة المظلمة لايرى الا اذا دخلتها اشعة الشمس وهكذا ذواتنا بما فيها من خطايا لانراها الا على ضوء الله.
3)الفرح بالاهانات او المحقرات
 كما ان الانسان ينمو في حياته الروحية عامة فهو ايضا ينمو في كل فضيلة فالاتضاع شأنه شأن الفضائل الاخرى ينمو بالجهاد والممارسة
في مبتدأ الامر يقابل الانسان الاهانة فيتضايق منها وربما يثور ويغضب ثم يتدرج الى درجة اعلى فيتضايق بسبب الاهانة لكنه يضبط نفسه فلا يثور ثم يرتقي الى درجة اعلى فلا يضطرب داخليا بل يكون في حالة سلام فلبي ثم بالجهاد يصل الى الحد الذي يفرح حينما يهان " اما هم فذهبوا فرحين من امام المجمع لانهم حسبوا مستأهلينن ان يهانوا من اجل اسمه"
4)عدم الافتخار بالمواهب الروحية
 قد حذر السيد المسيح تلاميذه الذين فرحوا بخضوع الشياطين لهم بقوله "لاتفرحوا بهذا ... رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء " (لو 10 : 18-20) فالامر محتاج الى معونة الهية خاصة تحفظ فينا نعمة الاتضاع مع وجود المواهب الروحية


ممارسات الاتضاع العملية
 كالملبس البسيط المتواضع وترك الكماليات سواء في الملبس او المأكل وخدمة الاخرين والقيام بالمهام التي يترفع الاخرون عن القيام بها والخضوع لمدبرينا ولمن يكبرونا سنا ومقاما عن حب واتضاع حقيقي والاسراع والاعتذار لمن اخطأنا اليهم عن شعور قلبي وتواضع حقيقي ولهذه الممارسات اثر كبير في اقتناء الاتضاع الحقيقي من ناحيتين:
اولهم : الفضائل لاتقتنى الا بالعمل
ثانيهم : لما الافعال الخارجية من تاثيرات داخلية في نفس الانسان
يقول القديس اغسطينوس
"ان الانسان الخارج والباطن متحدان احدهما بالاخر وكل منهما شديد التعلق بالاخر لدرجة كبيرة حتى انه متى اتضع الجسد وتنازل احدث في القلب حركة التواضع فلذلك اذ تنحني انت متنازل الى تقبيل اقدام اخيك يحدث هذا الفعل في قلبك حركة اتضاع"
نصائح عامة لاكتساب فضيلة التواضع:-
1)لاتقل كلاما امام الاخرين يأتيك بسببه مديحا حتى لو كان هذا الكلام في ظاهره ذما وتحقيرا لذاتك فبعض الناس يظهرون حقارتهم امام الاخرين في عبارات او افعال لكي يمدحوهم.
2)اذا مدحك الناس عن فعل حسن فاسرع وقدم الشكر لله الذي اعانك في ذلك العمل واعطاك نعمة في اعين الناس ولكن اذا وجدت ان فكر العظمة بدأ يراودك فللحال تذكر خطاياك التي سترها الرب فلم يعرفها الناس,
3)لاتتظاهر بفعل شئ ليراه الناس ويمدحوك بسببه وكل ماتعمله اعمله من اجل الله الذي منه ننتظر حسن الجزاء
4)لاتبرر ذاتك في اخطائك وتلتمس لنفسك الاعذار كما يفعل اهل العالم بل كن صريح مع نفسك واسرع بالاعتذار لله وللناس
5)اعتبر كل الناس افضل منك
"لاشيئا بتحزب او بعجب بل بتواضع حاسبين بعضكم البعض افضل من انفسهم" (في 2 : 3)
6)اذا كنت في مجلس فلاتسرع بالكلام




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشبع الروحي (موضوع روحى شيق )

تأملات ودروس من نجم ميلاد الرب يسوع المسيح

بابا يسوع بياكل السندوتشات ( قصه مسيحيه)