تأملات فى نشيد الانشاد ٥
الأصحاح الخامس من ١_٨
العدد 1:
آية (1): “قد دخلت جنتي يا أختي العروس قطفت مري مع طيبي أكلت شهدي مع عسلي شربت خمري مع لبني كلوا أيها الأصحاب اشربوا واسكروا أيها الأحباء.”
في آخر الإصحاح السابق دعت العروس عريسها ليأتي إلى جنته وها هو قد استجاب فوراً ونزل إلها فهو يشتهي هذا. مرى مع طيبي= المر يشير للصليب أما الطيب فيشير للدفن في القبر وكأن أحداث الخلاص ممتدة في حياة عروسه، فهو يرى أن كأس المر الذي تشربه إنما هو كأسه. أكلت شهدي مع عسلي= كأنه دخل أرض الميعاد ووجد في عروسه راحته، فهي أرض الميعاد بالنسبة له، كل ما فيها حلو. شربت خمري مع لبني= الخمر هو خمر الحب واللبن هو لبن الإيمان البسيط عديم الرياء (2تي5:1). وهذا الإيمان ناشئ من تعاليم صحيحة شربناها من كلمة الله. كلوا أيها الأصحاب= ه السمائيين “يصير فرح في السماء بخاطئ يتوب”.
العدد 2:
آية (2): “أنا نائمة وقلبي مستيقظ صوت حبيبي قارعاً افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي لأن رأسي امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل.”
يبدو أن الحالة الروحية لا تسير على وتيرة واحدة. فها هي قد عادت ونامت ولم تستطع أن تسهر معه ساعة واحدة “هكذا الإنسان دائماً يميل للتراخي في حب الله بالرغم من كل ما يقدمه له الله “للأسف محبتنا فاترة بالرغم من كل ما عمله ويعمله لنا. ولكن يحسب لهذه النفس أن قلبها مستيقظ= ولأن الله رأى قلبها أنه مازال مستيقظاً فهو لن يكف عن نداءه عليها. بل ينزل ليقرع على بابها ولكنه لا يقتحم النفس اقتحاماً فالله يحترم حريتنا، هو ينادي ليفتح وإن استجبنا وفتحنا يدخل (رؤ20:3+ يو20:6). ولأن قلبها كان مستيقظاً كانت تسمع صوت حبيبها قارعاً (رؤ20:3). ومن يسمع هذا الصوت هو من يكون قلبه مستيقظاً.
تعليق: نحن أمام حالة فتور وليست حالة موت روحي، إنسان أهمل خلاص نفسه ولا يهتم بهذا. قد يكون بسبب سعيه وراء شهوة عالمية.. الخ ولكن ما زال ضميره حياً. ولكن هناك من يصل لدرجة الموت، موت الضمير فيشرب الإثم كالماء. ولكن حتى هذا فالمسيح قادر أن يقيمه كما أقام لعازر. ودليل أن هذه النفس لها ضمير مازال حياً أنها تحركت حينما عرفت أن الله غاضب منها وحين رأت جراحاته. ولكن مثل هذه النفس تكون إرادتها ضعيفة، ولذلك يوقظها الله بأن يقرع على بابها. ونلاحظ كلمات التشجيع للنفس يا أختي يا كاملتي فالله لا يوبخ= “أيوب رجل كامل” رأسي امتلأ من الط وقصصي من ندى الليل= هذه إعلان للنفس أن فتورها سبَّب له هذه الآلام، فالليل يشير لخطايانا، وهو حمل خطايانا على رأسه (إش4:53،5) وهذه النفس في الليل، ليل العالم وليل الضيقات والأحزان وليل الفتور والخطية وقد دخل عريسها هذا الليل من أجلها وحمل أحزانها وحمل الغضب الإلهي.
العدد 3:
آية (3): “قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما.”
يا لها من أعذار واهية تقدمها النفس في فتورها الروحي وتنشغل براحة جسدها. خلعت ثوبي= لقد ألبسها الله ثوب البر “البسوا الرب يسوع” + (لو22:15+ غل27:3). غسلت رجليّ= غسلتهما بماء برها الذاتي ليستريح ضميرها إلى حين ولكن لغفران الخطية لابد من غسل القدمين بواسطة الرب (يو8:13).
العدد 4:
آية (4): “حبيبي مد يده من الكوة فأنت عليه أحشائي.”
من الكوة= كان للبيوت في ذلك الوقت فتحة فوق القفل لإدخال المفتاح، وتتسع لإدخال اليد، وكانت توجد فتحة أخرى يطل منها الساكن ليتكلم ويرى القارع (شراعة). حبيبي مد يده= التي بها أثار الجراحات. ولما رأتها أنت فيها أحشائها حينما مد يده أي أظهر آلامه وأدركت العروس أن كل هذا بسببها تحركت عواطفها نحوه.
العدد 5:
آية (5): “قمت لأفتح لحبيبي ويداي تقطران مراً وأصابعي مر قاطر على مقبض القفل.”
قمت لأفتح= لقد استجابت كما استجاب الابن الضال. ويداها تقطران مراً= المر طعمه مر ورائحته حلوة. فهي راجعة بتغصب بعد استهتار وفتور، عادت بدموع توبتها الحقيقية وفيها ألم وتغصب للنفس، فيها قبول لأن تموت مع المسيح تاركة لذات العالم وشهواته الخاطئة. ولكن هذا الألم وهذا الصليب له رائحة طيبة أمام الله. ولكن حالة التغصب لا تستمر كثيراً، والشعور بالحرمان من لذة الخطايا لا يستمر كثيراً وسرعان ما يعزي الله النفس فتكتشف أن ما تركته ما هو إلا نفاية بجان معرفة المسيح. ولاحظ أنها تغصبت ومنعت نفسها عن ملذاتها= يداها تقطران مراً= وهذا التغصب اشتمه الله كرائحة حلوة.
العدد 6:
آية (6): “فتحت لحبيبي لكن حبيبي تحول وعبر نفسي خرجت عندما أدبر طلبته فما وجدته دعوته فما أجابني.”
تحول وعبر= هنا الله يؤدب النفس على تراخيها لأنها استهانت بمراحمه فالنفس التي تعرف أن الله رحيم فتصنع الشر وتقول أن الله سيغفر لو قلت له ارحمنى، مثل هذه النفوس المستهترة حين تعود لله يشعرها الله بالتخلي= دعوته فما أجابني. بل ربما يسمح لها الله بضربة تأديب حتى تستيقظ مثل سماحه بمرض أو فشل في مشروع ما. ولكن تخلى الله يكون إلى حين.. لا تتركني إلى الغاية (مز8:119). وأمام هذا الموقف، حين تشعر النفس أن صلواتها غير مقبولة وأنها لا تجد الله، هناك موقفان [1] أن تلوم النفس الله على تخليه فتزداد قساوة القلب وينحرف الإنسان بالأكثر. [2] أن يلوم الإنسان نفسه ويقول “أنا السبب يا رب” ويقدم توبة، ويكتشف أنه بدون الله هو لا شئ، وفي منتهى الضعف فتزداد صلواته للبحث عن الله ويتخلى عن بره الذاتي ولا يعود يقول “غسلت رجليّ” بل يقول “إغسل يا رب رجليّ واغفر وغطيني بدمك” إذاً هذا الترك والتخلي كان فيه محبة وعناية إلهية. وهذه النفس التي أمامنا (عروس النشيد) أتخذت الموقف الثاني فعادت لمكانتها.
العدد 7:
آية (7): “وجدني الحرس الطائف في المدينة ضربوني جرحوني حفظة الأسوار رفعوا إزاري عني.”
الحرس الطائف= هنا تفسيرين لمن هم الحرس الطائف.
1- هم الشياطين: الذين إذ أحسوا أن حبيبها تحوَّل وعبر، ضربوها وجرحوها ورفعوا إزارها أي عروها. هنا الله تركها لتتذوق مرارة استهتارها فالله لا يريد تدليل النفس. وهذا درس لكل واحد، فحين لا يكون عريسنا معنا نصبح فريسة سهلة للشياطين التي تضرب وتجرح وتفضح. ولكن نلاحظ أيضاً خطأ آخر لهذه النفس فهي خرجت تبحث عن عريسها مرة أخرى وسط الشوارع بينما هو في داخلها.
2- هم خدام الله: الذين بسيف كلمة الله فضحوا برها الذاتي وكشفوا لها خطيتها أي فضحوها، حتى تكتشف احتياجها للمسيح وتقدم توبة صادقة.
العدد 8:
آية (8): “أحلفكن يا بنات أورشليم أن وجدتن حبيبي أن تخبرنه بأني مريضة حباً.”
لم يكن التأديب والترك وسماح الله للشياطين أن تضرب بلا سبب، فكل الأمور تعمل معاً للخير.. لتكميل الإنسان.. وها هي عادت مريضة حباً أي حبها عاد كالأول.
تعليقات
إرسال تعليق